رعى العلّامة السيّد علي فضل الله اللقاء الذي نظمته مديرية الإشراف الديني في جمعية المبرّات الخيرية بعنوان «التعليم الديني بين التلقين والتأثير»، وذلك في قاعة جامعة يوزال بحضور مدير مديرية الأشراف الديني الشيخ فؤاد خريس، مدير الإرشاد الديني الشيخ عباس حلال إضافة الى المشرفين الدينيين ومعلمي مادة القرآن الكريم في مؤسسات جمعية المبرات الخيرية.
استُهلّ اللقاء بتلاوة آياتٍ من الذكر الحكيم بصوت الشيخ رامي بليبل، تلاها كلمة للشيخ عباس حلال الذي شكر في بدايتها سماحة السيد فضل الله على رعايته لهذا اللقاء مؤكّدًا على الدور المحوري الذي يؤديه المعلّم في تربية الجيل الجديد تربيةً إسلاميةً قائمة على الإيمان والتقوى والوعي.
ثم ألقى العلّامة فضل الله كلمةً شكر فيها مديرية الإشراف الديني على إتاحة فرصة هذا اللقاء مشيدا بالدور الذي يضطلعون به، في النهوض بهذه المؤسسات التي وُجدت لبناء الإنسان، والذي لا يتحقق إلا من خلال تعاليم الدين التي جاءت رحمةً للعالمين.
وأضاف: "إذا أحسَنّا تقديم هذا الدين، نكون قادرين على بناء وطنٍ حرٍّ قادرٍ على مواجهة كلّ التحديات والضغوط ومجتمع قويٍّ ومتماسك يعيش الانفتاح على الجميع، فنحن لا نفكر ضمن أطر ضيّقة ومنغلقة، بل ننطلق من روح الانفتاح على الإنسان كلّه، بعيدًا عن أيّ اعتباراتٍ أخرى، لأننا معنيّون بالإنسان، كلّ الإنسان، في هذا الوطن."
وتابع سماحته قائلاً: إنّ نجاح مؤسساتنا التعليمية لا يُقاس فقط بالنتائج الأكاديمية والشهادات الرسمية، على أهميتها، بل في قدرتها على إيصال الرسالة الأخلاقية والإيمانية والإنسانية، وغرس هذه القيم في عقول وحركة طلابنا مبديا تخوّفه من أن تتحول مادة الدين إلى مادةٍ شكليةٍ تهدف إلى نيل علامةٍ دراسية فقط، لافتًا إلى التحديات الكبيرة التي تواجه التعليم الديني بفعل تأثيرات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والبيئة المحيطة، إضافة إلى التحديات الأمنية.
وتحدث سماحته عن الأسلوب المميّز الذي اتبعه المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله في خطابه، حيث استطاع أن يصل إلى العقول والقلوب على اختلاف المذاهب والأديان، وقدّم الإسلام بصورته الصافية البعيدة عن الغلوّ والخرافة والتعصّب.
وأكد أن الانفتاح نعتمده كمبدأ في مؤسساتنا، وكمنهج في حياتنا يقوم على قاعدة من الثوابت الإيمانية الراسخة، مشيرًا إلى دور الإشراف الديني الأساسي في تقديم فكر المرجع فضل الله(رض) ومنهجه الفقهي والفكري ورؤيته المتكاملة على المستويات كافة، وهو فكر يلتزم خط العلماء الحركيين الواعين والمنفتحين على قضايا الحياة والعصر.
وأضاف: لسنا من الذين يقدّسون الأشخاص، بل إنّ إيماننا بالمرجع فضل الله ينطلق من إيماننا بمنهجيته العلمية والفكرية التي اتبعها، القائمة على أسس قرآنية أصيلة تستثمر التطورات العقلية والعلمية والمنهجية بما يتيح تقديم فكر إسلامي أصيل وفقهٍ متجددٍ يواكب العصر.
وتوجّه سماحته إلى المشاركين بالقول: مشاركتكم اليوم أساسية لأنكم على تماسٍّ مباشرٍ مع الواقع، الأمر الذي يسمح لكم بامتلاك التجربة والمعطيات التي تخوّلكم تقييم الأمور بواقعيةٍ وعلمية، وهو ما يلقي على عاتقكم بالتشاور مع كبار العلماء المتخصصين في قضايا الدين والتربية والنفس مسؤولية ابتكار أساليب جديدة وجذّابة في تقديم الرسالة الإسلامية، والابتعاد عن النمطية، وغرس الدين في نفوس الطلاب عبر الإقناع لا الإكراه، مع الاستفادة المستمرة من العلوم الإنسانية والحرص على مواجهة أي أ إشكاليةٍ تُثار حول الدين والردّ عليها بعلمٍ وحكمة.
وختم سماحته داعيًا معلمي مادة التربية الإسلامية والقرآن الكريم إلى التأكّد من صحة الأحاديث والروايات من خلال عرضها على القرآن الكريم لأنّ تقديم ما هو غير صحيح وثابت يشوه الدين ويضعف قدرة المؤمنين على مواجه حملات التشكيك ضد الإسلام، وخصوصًا في ظلّ هذا السيل الإعلامي المتدفق من كل الجهات ولاسيما وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال: هؤلاء الطلاب أمانةٌ بين أيديكم، فلا تبخلوا عليهم من وقتكم وجهدكم، ولا تكتفوا بحصّةٍ واحدةٍ في الأسبوع، بل واصلوا التواصل معهم خلال العطل والمناسبات والصيف، لتحصينهم في مواجهة التحديات التي تعترضهم...