استضافت الحوزة النسائية في المعهد الشرعي الإسلامي العلامة السيّد علي فضل الله في ذكرى ولادة السيّدة فاطمة الزهراء (ع)، وذلك في قاعة الحوزة في حارة حريك، بحضور حشدٍ من الأخوات.
استُهِلّ اللقاء بكلمةٍ ترحيبية للأخت فاطمة فقيه، ثم ألقى العلامة فضل الله كلمة عبّر في بدايتها عن سروره بهذا اللقاء، مباركًا لهنّ ذكرى ولادة السيّدة الزهراء (ع) مشيرا إلى أنّ المرأة تمثّل صمّام الأمان في المجتمع، وهي ركيزة أساسية في بنائه ونهوضه، وهي التي تُنشئ وتُربّي أجيال المستقبل. ولفت إلى الدور المهم الذي تؤدّيه الحوزة النسائية على صعيد المعارف الدينية والثقافية، وتأهيل الأخوات ليكنّ قادرات على القيام بمسؤوليتهن الرسالية، في تحصين المجتمع علميا وروحيا واخلاقيا، وعلى المستوى الفكري لمواجهة التحدّيات والشبهات التي تُثار ضد الإسلام، ولا سيّما ما يتعلّق بقضية المرأة.
وأكّد سماحته تقديره لكل جهد تبذله الطالبات في الحوزة النسائية في سبيل تجاوز العوائق الكثيرة التي تعترض طريقهنّ، لاسيما في هذه الظروف الصعبة ليكنّ قائدات ورائدات في مجتمعهن، عبر العمل على تثبيت الجانب العقدي والديني على قواعد متينة، باعتباره الركيزة التي يقوم عليها هذا الدين، والتصدي لهموم المجتمع والتخفيف من آلامه في سياق عملية التغيير التي نريدها للوصول إلى المجتمع الأفضل حتى لا نكون مجرّد صدىً للواقع، بل أداة تغيير نحو الأفضل.
وتطرّق سماحته إلى أهمية وضع كلّ ما يأتينا من أفكار على طاولة البحث، بعيدًا عما يسمى بالمسلّمات التاريخية والاجتماعية، فكل شيء ما عدا المقدس القرآني والصحيح من السيرة قابل للبحث والنقاش، مؤكّدًا أنه لا يجوز بناء معارفنا إلّا على قواعد سليمة توصِل إلى الحقيقة. مركزا على أنّ هذا الأمر ليس سهلاً بعد ان حولت الكثير من الأفكار التي ورثناها إلى مقدسات، وهي تحتاج إلى أن تخضع للنقد العلمي المنهجي، مشدّدًا على ضرورة أن نكون عادلين في الحكم على الأشخاص والقضايا.
وتابع سماحته: "ثقتنا بكنّ كبيرة في أن تكنّ الأمل والمرتجى في إيصال هذا الصوت الإيماني الأصيل إلى كل الانحاء داعيا أن تكون ذكرى ولادة السيّدة الزهراء (ع) مناسبةً لشحذ الهمم، ومحطّةً لتعزيز الوعي والعلم والإيمان، وأن نستمدّ منها القدوة في حركة الواقع.
وأكّد أنّنا "نواجه تحدّيات كبيرة على المستويين الأمني والسياسي، لكن تبقى المواجهة الأصعب في التحدّي الثقافي، لأنّ المطلوب إسقاطنا من خلال ضرب المفاهيم والقيم والمبادئ التي نحملها ونضحّي من أجلها".
وأشار سماحته إلى أنّ السيّدة الزهراء (ع) كانت صوتًا للإسلام، وصوتًا للحق والعدل، وأنّ علينا أن نقتدي بها في أسلوبها وخطابها الحريص على وحدة الأمة وحفظ هذا الدين.
وشدّد على أنّ الطائفة الشيعية مكوّن أساسي من مكوّنات هذا الوطن، وهي جزء لا يتجزّأ منه، موجودة قبل السلاح وبعده، ومتجذّرة في ترابه، وقدّمت التضحيات الكبيرة في سبيل سيادته وحريته. وهي لها علاقاتها وامتداداتها الداخلية والخارجية، ففي العمل على عزلها أو اقصائها أو تهميشها الحاق الضرر الكبير بالوطن لأنّ الوطن لا يُبنى إلّا بجميع أبنائه، ومن خلال تعاون مكوّناته كافة، وإلّا فإنه سيعيش الاهتزاز والفوضى.
ورأى ان حفظ الوطن ووحدته وحريته واستقلاله أمانة في اعناق جميع اللبنانيين، والتفريط بهذه القيم خيانة للوطن معتبرا ان من الخيانة للوطن في هذه الظروف الحساسة والمصيرية التي يمر بها أن يفكر أي منا في تغليب مصالحه الشخصية أو الطائفية على مصالح الوطن العليا أو أن يرى في اللحظة السياسية الراهنة فرصة لتصفية حساب او لأحداث غلبة أو اقصاء فريق لفريق آخر وأن يُستَخدم العامل المذهبي والطائفي والتحريضي كأداة في الخطاب السياسي لخدمة مصالح سياسية معينة، وشدّ العصب لتعزيز مواقع فئوية تعمق الشقاق وتثير النعرات بين مكونات المجتمع أو تحقيق مكاسب انتخابية، ولا سيّما مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية فيما المطلوب أن نعزز من التقارب الديني واللحمة الوطنية في زمن يعمل فيه الأعداء على تقسيم الأوطان وتفتيتها".
وأشار إلى ضرورة عدم الخضوع للتهويلات والضغوط التي يهدف العدو من خلالها إلى إسقاطنا نفسيًا، وضرب عناصر الصمود والإرادة والثبات لدينا، من أجل دفع لبنان لتقديم المزيد من التنازلات للعدو
وختم سماحته كلامه في ردّه على سؤال حول التزاوج بين السنّة والشيعة، قال سماحته: " أن هذا الزواج يسهم في تعزيز الوحدة الإسلامية، ويخفّف الكثير من التوتّرات وسوء الفهم بين أبناء المكوّنات المختلفة".