يقال إنَّ شاربي القهوة يتمتَّعون بذوق رفيع، فقد اعتاد الناس شرب القهوة صباحًا مساءً منذ القدم، لكن هلا أبو قاعود امتازت بذوق متفرّد في تحويل حبيبات القهوة إلى ريشة فنية، لتبدع فيها بأجمل اللوحات التي أذهلت كل من رآها.
تقوم الفتاة أبو قاعود بدقة متناهية وتركيز شديد برص حبيبات القهوة بجانب بعضها البعض على قطعة من القماش "الخيش" باستخدام السيلكون، وتبدأ في تحديد ملامح اللوحة التي تريد رسمها، لتخرج في النهاية بلوحة جمالية رائعة.
أبو قاعود (20 عامًا) من مدينة رفح جنوب القطاع، تقول لوكالة "فلسطين اليوم" الإخبارية إنَّ مشروعاً تم طلبه منها في الجامعة أطلق العنان لها بالانطلاق في مجال ما يعرف بـ"فن القهوة"، عندما طلبت منها أستاذتها مشروعاً لتخصصها في الديكور والتصميم، الأمر الذي دفعها إلى عمل لوحة فنية باستخدام حبيبات القهوة.
لم يكن ذلك المرة الأولى لهلا في تصميم اللوحات باستخدام القهوة، فقد كانت موهوبة منذ طفولتها بالأشغال اليدوية في المدرسة، وذلك ما دفعها إلى التسجيل في تخصص الديكور والتصميم، مشيرة إلى أن لوحتها الأولى في مشروع الجامعة أذهلت أستاذتها.
تستخدم هلا في تصميم لوحاتها القهوة الملونة، مثل الحبوب الخضراء قبل التحميص، القهوة المحمصة على اختلاف درجاتها، كما تستخدم القهوة المطحونة، والقماش "الخيش"، السيليكون، والإطار الخشبي، وأدوات تزيين أخرى.
الفتاة أبو قاعود تبيع القطع الفنية التي تصمّمها عن طريق صفحاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي "إنستغرام"، وتتقاضى أسعارًا رمزية مقابل لوحاتها، وتضيف أنَّ هدفها الأساسي في الرسم ليس الربح، بل إظهار إبداعها وموهبتها، مبينة أنها ترسم لوحات تعبر عن القهوة ذاتها، مثل الفناجين، فتاة تحمل فنجاناً، وأشكال رمزية بسيطة أخرى.
وتعمل بطلة قصتنا على تطوير موهبتها في الوقت الراهن بأن ترسم شخصيات وطنية، مشيرة إلى أن ذلك يتطلَّب جهداً كبيراً ودقيقاً في تحديد ملامح الشخصية المراد تصميمها.
وحول العقبات التي تواجهها، تشير هلا إلى أنَّ الأوضاع المادية الصعبة تحول دون توفير الأدوات التي تستخدمها في إعداد لوحاتها، ناهيك بالانتقادات السلبية التي تعرَّضت لها، مشيرة إلى أحبطت في البداية، إلا أنها لم تستلم لذلك، وواصلت شغفها في الرسم بالقهوة.
وتحتاج أيّ لوحة فنية ما يقارب 5 ساعات متواصلة حتى تنتهي منها، بيد أنّ انقطاع الكهرباء المتواصل في غزة يؤخّر إنجازها في الوقت المطلوب، مبينة أنها قد تستغرق يومين على التوالي في إتمام اللوحة الفنية.
وتطمح هلا أبو قاعود إلى أن يتم احتضانها من قبل المؤسَّسات المختصَّة، وتطوير موهبتها في الرسم بالقهوة، وامتلاك مكتب خاص بالتصميم والديكور، والمشاركة في معارض محلية وعربية.
ونصحت الموهوبين أمثالها بعدم الاستسلام للظروف المعيشية والاقتصادية التي يعانيها قطاع غزة، وعدم الالتفات إلى الانتقادات السلبية، ومواصلة تطوير مواهبهم حتى الوصول إلى حلمهم المنشود.