"عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدت يا عيد"، عبارةٌ لطالما تردّدت على مسامعنا مع حلول كلّ عيد، والقائل شخصٌ عصفت به رياح البأس من صعوباتٍ معيشيّة ونفسيّة سيطرت على حياته اليوميّة، أو ربّما شخصٌ يعاني من فقد روحٍ كانت له بهجة العيد. ولكن هل هذا مبرّر يسمح لسفينة أعمالنا طيلة شهر الله أن ترسو على برٍ من الضياع؟.
يأتي العيد هدية من الله عز وجل لكل صائم قائم ومؤمنٍ عابدٍ خاض رحلة الصيام ليكافِئَهُ الله بقبول الأعمال، عن أمير المؤمنين(ع) أنّه قال: "إنّما هو عيد لمن قَبِل الله صيامه، وشكر قيامه، وكلّ يوم لا يُعصَى الله فيه فهو يوم عيد. "
فعيد الفطر من الأعياد العظيمة التي أنعَم الله بها على عباده، وهذا ما أكدّه سماحة السيد حسن حسن _مدير مبرتي الإمام علي (ع) والسيدة مريم (ع)_ في حديث له مع قناة الإيمان الفضائية، حيث قال: " عيد الفطر من الأعياد التي تحمل أهميّة دينيّة كبيرة حيث إنّه يأتي بعد فريضة عظيمة من فرائض الله تبارك وتعالى وهي فريضة الصيام التي يمارس فيها الإنسان المسلم رياضةً روحيّةً وجسديّةً شاقةً نسبيّاً بالكفّ عن الطعام والشراب والمفطرات الأخرى وكذلك يقوم بأعمال عباديّة متنوّعة من صلوات مستحبة وأدعية يوميّة خاصّة بالشهر الكريم وأدعية خاصّة في أوقات السحر وتلاوة للقرآن الكريم والصدقات وصلة الرحم وأعمال الخير الأخرى، ويختتم هذا الشهر بزكاة الفطرة التي يستفيد منها الفقراء والمساكين وما أكثرهم في أيامنا هذه".
وعن أهميّة إبراز الفرح والسرور بعيدًا عن الشُحنات السلبيّة والكآبة التي تطغو على الكثير، قال سماحته "والعيد حقيقةً هو لمن أدّى واجباته في هذا الشهر الكريم فهو أولى من غيره بالفرح والسرور في يوم العيد لأنه امتثل لأمر الله تعالى في أداء واجب الصيام، وهو وسيلةٌ لتعبير المُسلم عن شُكره لربّه لما حصل عليه من الخير والإحسان والأجر والرّوحانيّات في شهر رمضان المبارك".
أمّا بالنسبة لصعوبة الأوضاع الاقتصاديّة والنفسيّة التي تعيشها غالبيّة الناس في هذه الأيام، أشار سماحته، إلى عدم السماح لهذه الأوضاع بالسيطرة على فرحة الانسان بعيده الذي جعله الله محطة لتذوق طعم الفرحة والسعادة بقبول أعماله طيلة الشهر الفضيل، بل على العكس من ذلك " ينبغي على الإنسان المؤمن أن يعيش الفرح والسرور وأن يُدخل الفرح والسرور على قلوب الآخرين في أيام العيد بإظهار حالة الرضا وتقبّل ما يجري عليه والتسليم لأمر الله تعالى في قبول اختباره وبلائه وأن لا يُشعر الآخرين ومن حوله بحالة اليأس التي لا ينبغي للمؤمن أن يعيشها مهما تعاظمت المشاكل والأزمات عليه، وليس مهماً إن كان الإنسان لا يملك أن يلبس الثياب الجديدة فكما ورد في بعض الأحاديث ليس العيد لمن لبس الجديد إنّما العيد لمن أمن الوعيد".
وفي ظلّ كثرة حالات الوفيات وفقد الأحبة في السنوات الأخيرة، أشارت المعالجة النفسية د.نسرين نصر عبر صفحتها على فيسبوك، الى محاولة التعايش مع فكرة فقدان عزيز على قلوبنا، من الطبيعيّ جدّا الشعور بألم الفقدان وليس المطلوب الخجل من هذه المشاعر، ولكن بدل أن نمرّ بأزمة نفسيّة بفقدان من كانوا بجوارنا في الأعياد الماضية والتحسّر على ذلك يُمكننا مشاركتهم العيد، ربما بمشاهدة صور جمعتنا معهم، القيام بعمل كانوا يحبذون القيام به..." هيدا العيد..خلينا نتذكر الأشياء الجميلة..نعيشها عنجد".
غدًا يطرق العيد أبوابنا، حاملا معه حزمةً من أعمالنا طيلة شهرٍ مُبارك، وهو هديةٌ من الله عز وجل بقبول أعمالنا، والهدية من غير المُحبب رفضها ، فكيف اذا كانت هذه الهدية من الهادي العظيم. فلنجعل عيدنا هذا العام عَبَقَ فرح وابتهاج نزرعه في نفوسنا وننثره على من حولِنا.
[ مروة الحاج - موقع قناة الإيمان الفضائية ]