Logo Logo
الرئيسية
البرامج
جدول البرامج
الأخبار
مع السيد
مرئيات
تكنولوجيا ودراسات
أخبار العالم الإسلامي
تغطيات وتقارير
أخبار فلسطين
حول العالم
المزيد
مسلسلات
البرامج الميدانية
البرامج التخصصية
برامج السيرة
البرامج الثقافية
برامج الأطفال
البرامج الوثائقية
برامج التغطيات والتكنولوجيا
المزيد

في ذكرى رحيل المرجع فضل الله: كان شخصية بحجم المستقبل

04 تموز 22 - 13:35
مشاهدة
685
مشاركة
كان المرجع السيد محمد حسين فضل الله المستقبلي في حياته.. عاشها كلها وهو يرصد المستقبل.. حتى عندما كان يغوص في الماضي، فإنما لأخذ الدروس والعبر.. كان يرصد المستقبل في كل ذلك.. لأنه كان يتطلّع لأمة أراد لها أن تصنع التاريخ مجدداً وكم كرّر مقولته الشهيرة:

صنعوا مستقبلهم وعلينا أن نصنع مستقبلنا..

كان هاجسه المستقبل ولكن ليس على سبيل المزاج بل من خلال العمل لصياغة مشروع النهوض.. والتخطيط له والذي يأخذ بالحسبان مشكلات الواقع الحاضر، ويلتمس منه أفقاً هنا ومخرجاً هناك، ليطلّ على مستقبل أفضل...
كان رجل دين إستثنائيّ، وسيظلّ حضوره يتعمّق باضطراد في مجتمعاتنا التي لمّا تزل تحتاج إليه كثيراً لتهتدي إلى النور إذا اشتكلت عليها الأمور.
لم يكن يرَ في الفكر الديني السائد الأجوبة على الكثير من الأسئلة التي تتصل بتغيير الواقع وبناء المستقبل. هكذا، كان للمرجعية معنى آخر عند السيد، ذلك أنها كانت موقعاً لتعظيم مجد السؤال بدلا من ترسيخ يقين الإجابة، فحتى الدين سؤال عنده، وبحث مستمر لا ينتهي، لأن الدين شيء، والتدين شيء آخر، ولأن النص الديني شيء، وفهم النص الديني شيء آخر. ولذلك فإن رحلة استكشاف الدين لا تتطلب استنساخ أفهام الماضين، بقدر ما تتطلب سبر أغوار النص وظروفه ومعطيات الاجتماع والسياسة، ثم مقاربة هذا النص في الظروف الجديدة وفهمه فهماً جديداً بعد رحلة بحث واستكشاف ممتعة، لأنها في عمقها رحلة بحث عن الله، وعن صراطه المستقيم، لأجل خدمة الإنسان وفقاِ للصراط المستقيم.
لذلك، فإنك عندما تدرس نتاج الفكر الديني الذي قدّمه في مختلف المجالات، في العقيدة والفقه والتفسير والتاريخ والاجتماع والتربية، فقد تجد أنه قدّم الكثير من الأفكار والمنهجيات التي تعيد للنص الديني تألّقه وانسجامه مع العقل والعلم والتطلّع إلى المستقبل، والتي تحرّر هذا النص من الكثير من الأثقال التي تشلّ المسلمين عن التقدّم وتأسرهم في زنازين التخلّف والفتن والانقسامات والخضوع...
السيد مرجع ومفكر ورجل دين وإنسان، عالم متعدد في شخص واحد...
دخل إلى عمق الإنسان بكل أبعاده، وأوقد فيه جذوة الفاعلية، لأن رحلة النهضة تبدأ من الداخل، ومن الفرد، انطلاقاً إلى الخارج والأمة. ومعه تطلع إلى الإنسان، رجلاً أم امرأة، ليعيش حرّاً وكريماً وعزيزاً. ولهذا فهو سلّف للمستقبل جيلا ثائرا على القمع والتسلّط والظلم والاحتلال، لكن بنفس الوقت، جيل يهتدي بالحكمة لتكون ضالته. وهذا التوازن بين الحكمة والثورة هو الذي يصنع الأمل.
الطائفية السياسية في لبنان مرض عضال
أما لبنان فقد رأى فيه بلد التنوّع، أحبّه كمنطلق للرسالات والحوار، لكنه لطالما حذّر من أن يضيع في المتاهات الطائفية، وكان يراه عصيّاً على التغيير «لأنه ليس بلداً بل هو معادلة دولية». كما أنه أسهب في أحاديثه عن ضرر سياسات الفساد فيه.
كان يرى في الطائفية السياسية مرض لبنان العضال، فمنها تنبعث شرارة تهديد السلم الأهلي والوحدة الوطنية، ومنها تنبعث المحاصصات وعمليات نهب المال العام، وبها يحتمي الزعماء الفاسدون وحاشيتهم من المحاسبة والعقاب، وبسببها تنطلق التحالفات مع الخارج على حساب الوطن...
وفي مواجهة ذلك كان يريد أن يؤنسن الوطن بحيث يكون الوطن إنساناً، يعيش الإنسانية في علاقات أبنائه وطوائفه ببعضهم، فدعا إلى دولة المواطنة دولة الإنسان على حساب النظام الطائفي الذي كان عرفاً ثم صار قانوناً، حتى قُسّم البلد إلى طوائف تمثل ولايات غير متحدة، لكنها قد تأخذ عنوان لبنان، وعلى رأسها زعامات تتقاسم موارد الوطن حصصاً فإن اختل ميزان التقاسم والتحاصص والنهب اختل استقرار الوطن واهتزت الأوضاع السياسية وعلت الأصوات التي تتحدث عن حقوق الطوائف، المعزوفة التي لا تزال مستمرة بالرغم من أنهم أوصلوا البلد إلى الإفلاس والانهيار...
ولقد تحدث السيد كثيراً عن ضرورة مواجهة الفساد الذي تحميه الزعامات الطائفية حين تدافع عن المجرمين والفاسدين من جماعاتها تحت غطاء كرامة الطائفة حتى كاد يتحول الفساد إلى ثقافة عامة، والسبب فساد الحاكمين، تماماً كما أشار الإمام علي(عليه السلام) عندما اعتبر أن «فساد العامة هو من فساد الخاصة».
لقد أولى السيد هذه القضية اهتماماً كبيراً لأنه كان كثيراً ما يخاف على مستقبل لبنان، وكان يحذّر من أن ينجح الفاسدون في مواجهة أية حركة إصلاحية... فيقول: «أن كل حركة لمواجهة الفساد الداخلي لن يكتب لها النجاح إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه في هذه الحمى العشائرية والمذهبية والطائفية التي يسهر الكثيرون على حمايتها ورعايتها على حساب البلد وأمنه الاجتماعي والسياسي ومستقبل أجياله»..
أما المسؤولين فيحمّل كل منهم الآخر مسؤولية المأساة التي وصل إليها لبنان، كلّ يتهم الآخر ويرمي الكرة في ملعبه، والكل مسؤول في حين يتفاوت حجم مسؤولية كل طرف، وفي ظل الوضع هذا يأتي الخارج وبعض الداخل ليحمل المسؤولية للمقاومة وسلاحها، وهذا ظلم ما بعده ظلم، فيه محاولة للتغطية على الفساد وسعياً لتصفية الحساب لمصلحة أعداء لبنان، فيما هذا السلاح يحتاج لبنان إليه كضمانة لحمايته بانتظار أن يملك الجيش اللبناني الأسلحة والعتاد الذي يحدث به التوازن مع العدو، وعندها لن نجد أحداً يزاحم الجيش على دوره الوطني المولج بحماية الوطن..

اهتمامه بالأمّة الإسلامية
أما عن الأمة الإسلامية التي حمل همّها في عقله َقلبه وفكره وروحه، فكان محور اهتمامه الوحدة بين أركانها، وقد عمل كثيراً لكي يؤسس القواعد الفكرية والسياسية لمعالجة انقساماتها، كانت وحدة الأمة وحريتها وعزّتها واستقلالها غايته، وحدّد الطريق إليها انطلاقاً من البوصلة، أي من فلسطين، وقارب كل المسائل بدءاً منها. وقد رأى كل رؤية للنهضة بالواقع الإسلامي تهمل دور الكيان الغاصب في ارتكاس هذا الواقع هي رؤية قاصرة.
ولهذا ظلّ يسلّط الضوء على فلسطين كمحور جامع لكل أحرار ومسلمي الأمة، وكعنوان خلاصي من كل محاولات الشرذمة والانقسام الداخلي أو الديني، وكمشروع كبير يجب أن تتضافر الجهود وتتوحد لأجل تحقيقه، إذ متى توحدت خول قضية التحرير، ذابت كل المشاكل الثانوية الأخرى، وهي مشاكل يحاول العدو الصهيوني أن يكرّسها ليعمّق الفتنة. فالطريق إلى استبعاد الفتن في رؤية السيد هو التوحّد حول فلسطين. ودائماً تؤكد الأحداث أن لا عنوان يجمع الأمة غير فلسطين، هذا عدا عن أن مسؤوليتنا الدينية والقومية والوطنية تفرض علينا هذا الالتزام بالقضية.
ونحن سوف نبقى على هذا الالتزام بكل المبادئ والتوجهات التي جاهد وضحّى من أجلها، لا سيما الالتزام بقضايا الإنسان وبلسمة جراحه والتخفيف من آلامه، وتنمية وعيه، هكذا أراد السيد لكل المؤسسات أن تتحمّل المسؤولية تجاه المجتمع رغم الصعوبات الكبيرة والأوضاع المأساوية، ولن نتلكأ عن القيام، وضمن الإمكانات، عن ملء أي فراغ أو سد أي حاجة يتطلبها المجتمع، لا سيما في هذه الظروف، التي تتطلب استنفار كل المخلصين لمواجهة الأعباء الاجتماعية والصحية والإنسانية الصعبة، فلا مجال للانسحاب من التحدّي، وسوف نظل نتلمّس خيوط النور رغم كل الظلمة التي تحيط بنا لنجعل منها حزمة ضوء تمنح ولو قدراً من الأمل للمستضعفين يحررهم من حالات اليأس والإحباط، الأمل بأن نتكافل جميعاً ونتواصى دوماً بالحق والصبر في مواجهة كل أولئك الذين يريدون إسقاطنا وإسقاط قيمنا، وسنظل الصوت الذي يجهر بالحق والعدل مهما كانت الظروف.
Plus
T
Print
كلمات مفتاحية

حول العالم

أخبار العالم الإسلامي

السيد فضل الله

السيد محمد حسين فضل الله

نهجك حياة

الذكرى السنوية

مسجد الإمامين الحسنين

بيروت

يهمنا تعليقك

أحدث الحلقات

محاضرات دينية لسماحة العلامة السيد عبدالله الغريفي

حديث الجمعة - الدنيا - آخر الزمان | محاضرة لسماحة العلامة المرجع السيد عبدالله الغفبري

07 أيار 24

منبر الوعي - محاضرات تربوية وأخلاقية

قيمة العمل في يوم العامل | محاضرة لسماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض)

01 أيار 24

محاضرات دينية لسماحة العلامة السيد عبدالله الغريفي

حديث الجمعة 2 | محاضرة لسماحة العلامة السيد عبدالله الغريفي

30 نيسان 24

الدنيا رمضان

الدنيا رمضان | 26-03-2024

26 نيسان 24

في عقيدتي

الشّفاعة | في عقيدتي

25 نيسان 24

محاضرات دينية لسماحة العلامة السيد عبدالله الغريفي

حديث الجمعة | محاضرة دينية لسماحة العلامة السيد عبدالله الغريفي

23 نيسان 24

يسألونك عن الإنسان والحياة

يسألونك عن الإنسان والحياة | 17-04-2024

17 نيسان 24

من الإذاعة

الحرب الأهلية اللبنانية :نعم للإتّعاظ .... لا للتكرار | حكي مسؤول

16 نيسان 24

يسألونك عن الإنسان والحياة

يسألونك عن الإنسان والحياة | 16-04-2024

16 نيسان 24

أريد حلاً- الموسم الثاني

زواج المسنين | أريد حلاًّ - الموسم الثاني

15 نيسان 24

من الإذاعة

البطولة المدرسية : التنظيم والتحديات | STAD

15 نيسان 24

يسألونك عن الإنسان والحياة

يسألونك عن الإنسان والحياة |15-04-2024

15 نيسان 24

كان المرجع السيد محمد حسين فضل الله المستقبلي في حياته.. عاشها كلها وهو يرصد المستقبل.. حتى عندما كان يغوص في الماضي، فإنما لأخذ الدروس والعبر.. كان يرصد المستقبل في كل ذلك.. لأنه كان يتطلّع لأمة أراد لها أن تصنع التاريخ مجدداً وكم كرّر مقولته الشهيرة:
صنعوا مستقبلهم وعلينا أن نصنع مستقبلنا..

كان هاجسه المستقبل ولكن ليس على سبيل المزاج بل من خلال العمل لصياغة مشروع النهوض.. والتخطيط له والذي يأخذ بالحسبان مشكلات الواقع الحاضر، ويلتمس منه أفقاً هنا ومخرجاً هناك، ليطلّ على مستقبل أفضل...
كان رجل دين إستثنائيّ، وسيظلّ حضوره يتعمّق باضطراد في مجتمعاتنا التي لمّا تزل تحتاج إليه كثيراً لتهتدي إلى النور إذا اشتكلت عليها الأمور.
لم يكن يرَ في الفكر الديني السائد الأجوبة على الكثير من الأسئلة التي تتصل بتغيير الواقع وبناء المستقبل. هكذا، كان للمرجعية معنى آخر عند السيد، ذلك أنها كانت موقعاً لتعظيم مجد السؤال بدلا من ترسيخ يقين الإجابة، فحتى الدين سؤال عنده، وبحث مستمر لا ينتهي، لأن الدين شيء، والتدين شيء آخر، ولأن النص الديني شيء، وفهم النص الديني شيء آخر. ولذلك فإن رحلة استكشاف الدين لا تتطلب استنساخ أفهام الماضين، بقدر ما تتطلب سبر أغوار النص وظروفه ومعطيات الاجتماع والسياسة، ثم مقاربة هذا النص في الظروف الجديدة وفهمه فهماً جديداً بعد رحلة بحث واستكشاف ممتعة، لأنها في عمقها رحلة بحث عن الله، وعن صراطه المستقيم، لأجل خدمة الإنسان وفقاِ للصراط المستقيم.
لذلك، فإنك عندما تدرس نتاج الفكر الديني الذي قدّمه في مختلف المجالات، في العقيدة والفقه والتفسير والتاريخ والاجتماع والتربية، فقد تجد أنه قدّم الكثير من الأفكار والمنهجيات التي تعيد للنص الديني تألّقه وانسجامه مع العقل والعلم والتطلّع إلى المستقبل، والتي تحرّر هذا النص من الكثير من الأثقال التي تشلّ المسلمين عن التقدّم وتأسرهم في زنازين التخلّف والفتن والانقسامات والخضوع...
السيد مرجع ومفكر ورجل دين وإنسان، عالم متعدد في شخص واحد...
دخل إلى عمق الإنسان بكل أبعاده، وأوقد فيه جذوة الفاعلية، لأن رحلة النهضة تبدأ من الداخل، ومن الفرد، انطلاقاً إلى الخارج والأمة. ومعه تطلع إلى الإنسان، رجلاً أم امرأة، ليعيش حرّاً وكريماً وعزيزاً. ولهذا فهو سلّف للمستقبل جيلا ثائرا على القمع والتسلّط والظلم والاحتلال، لكن بنفس الوقت، جيل يهتدي بالحكمة لتكون ضالته. وهذا التوازن بين الحكمة والثورة هو الذي يصنع الأمل.
الطائفية السياسية في لبنان مرض عضال
أما لبنان فقد رأى فيه بلد التنوّع، أحبّه كمنطلق للرسالات والحوار، لكنه لطالما حذّر من أن يضيع في المتاهات الطائفية، وكان يراه عصيّاً على التغيير «لأنه ليس بلداً بل هو معادلة دولية». كما أنه أسهب في أحاديثه عن ضرر سياسات الفساد فيه.
كان يرى في الطائفية السياسية مرض لبنان العضال، فمنها تنبعث شرارة تهديد السلم الأهلي والوحدة الوطنية، ومنها تنبعث المحاصصات وعمليات نهب المال العام، وبها يحتمي الزعماء الفاسدون وحاشيتهم من المحاسبة والعقاب، وبسببها تنطلق التحالفات مع الخارج على حساب الوطن...
وفي مواجهة ذلك كان يريد أن يؤنسن الوطن بحيث يكون الوطن إنساناً، يعيش الإنسانية في علاقات أبنائه وطوائفه ببعضهم، فدعا إلى دولة المواطنة دولة الإنسان على حساب النظام الطائفي الذي كان عرفاً ثم صار قانوناً، حتى قُسّم البلد إلى طوائف تمثل ولايات غير متحدة، لكنها قد تأخذ عنوان لبنان، وعلى رأسها زعامات تتقاسم موارد الوطن حصصاً فإن اختل ميزان التقاسم والتحاصص والنهب اختل استقرار الوطن واهتزت الأوضاع السياسية وعلت الأصوات التي تتحدث عن حقوق الطوائف، المعزوفة التي لا تزال مستمرة بالرغم من أنهم أوصلوا البلد إلى الإفلاس والانهيار...
ولقد تحدث السيد كثيراً عن ضرورة مواجهة الفساد الذي تحميه الزعامات الطائفية حين تدافع عن المجرمين والفاسدين من جماعاتها تحت غطاء كرامة الطائفة حتى كاد يتحول الفساد إلى ثقافة عامة، والسبب فساد الحاكمين، تماماً كما أشار الإمام علي(عليه السلام) عندما اعتبر أن «فساد العامة هو من فساد الخاصة».
لقد أولى السيد هذه القضية اهتماماً كبيراً لأنه كان كثيراً ما يخاف على مستقبل لبنان، وكان يحذّر من أن ينجح الفاسدون في مواجهة أية حركة إصلاحية... فيقول: «أن كل حركة لمواجهة الفساد الداخلي لن يكتب لها النجاح إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه في هذه الحمى العشائرية والمذهبية والطائفية التي يسهر الكثيرون على حمايتها ورعايتها على حساب البلد وأمنه الاجتماعي والسياسي ومستقبل أجياله»..
أما المسؤولين فيحمّل كل منهم الآخر مسؤولية المأساة التي وصل إليها لبنان، كلّ يتهم الآخر ويرمي الكرة في ملعبه، والكل مسؤول في حين يتفاوت حجم مسؤولية كل طرف، وفي ظل الوضع هذا يأتي الخارج وبعض الداخل ليحمل المسؤولية للمقاومة وسلاحها، وهذا ظلم ما بعده ظلم، فيه محاولة للتغطية على الفساد وسعياً لتصفية الحساب لمصلحة أعداء لبنان، فيما هذا السلاح يحتاج لبنان إليه كضمانة لحمايته بانتظار أن يملك الجيش اللبناني الأسلحة والعتاد الذي يحدث به التوازن مع العدو، وعندها لن نجد أحداً يزاحم الجيش على دوره الوطني المولج بحماية الوطن..

اهتمامه بالأمّة الإسلامية
أما عن الأمة الإسلامية التي حمل همّها في عقله َقلبه وفكره وروحه، فكان محور اهتمامه الوحدة بين أركانها، وقد عمل كثيراً لكي يؤسس القواعد الفكرية والسياسية لمعالجة انقساماتها، كانت وحدة الأمة وحريتها وعزّتها واستقلالها غايته، وحدّد الطريق إليها انطلاقاً من البوصلة، أي من فلسطين، وقارب كل المسائل بدءاً منها. وقد رأى كل رؤية للنهضة بالواقع الإسلامي تهمل دور الكيان الغاصب في ارتكاس هذا الواقع هي رؤية قاصرة.
ولهذا ظلّ يسلّط الضوء على فلسطين كمحور جامع لكل أحرار ومسلمي الأمة، وكعنوان خلاصي من كل محاولات الشرذمة والانقسام الداخلي أو الديني، وكمشروع كبير يجب أن تتضافر الجهود وتتوحد لأجل تحقيقه، إذ متى توحدت خول قضية التحرير، ذابت كل المشاكل الثانوية الأخرى، وهي مشاكل يحاول العدو الصهيوني أن يكرّسها ليعمّق الفتنة. فالطريق إلى استبعاد الفتن في رؤية السيد هو التوحّد حول فلسطين. ودائماً تؤكد الأحداث أن لا عنوان يجمع الأمة غير فلسطين، هذا عدا عن أن مسؤوليتنا الدينية والقومية والوطنية تفرض علينا هذا الالتزام بالقضية.
ونحن سوف نبقى على هذا الالتزام بكل المبادئ والتوجهات التي جاهد وضحّى من أجلها، لا سيما الالتزام بقضايا الإنسان وبلسمة جراحه والتخفيف من آلامه، وتنمية وعيه، هكذا أراد السيد لكل المؤسسات أن تتحمّل المسؤولية تجاه المجتمع رغم الصعوبات الكبيرة والأوضاع المأساوية، ولن نتلكأ عن القيام، وضمن الإمكانات، عن ملء أي فراغ أو سد أي حاجة يتطلبها المجتمع، لا سيما في هذه الظروف، التي تتطلب استنفار كل المخلصين لمواجهة الأعباء الاجتماعية والصحية والإنسانية الصعبة، فلا مجال للانسحاب من التحدّي، وسوف نظل نتلمّس خيوط النور رغم كل الظلمة التي تحيط بنا لنجعل منها حزمة ضوء تمنح ولو قدراً من الأمل للمستضعفين يحررهم من حالات اليأس والإحباط، الأمل بأن نتكافل جميعاً ونتواصى دوماً بالحق والصبر في مواجهة كل أولئك الذين يريدون إسقاطنا وإسقاط قيمنا، وسنظل الصوت الذي يجهر بالحق والعدل مهما كانت الظروف.
حول العالم,أخبار العالم الإسلامي,السيد فضل الله, السيد محمد حسين فضل الله, نهجك حياة, الذكرى السنوية, مسجد الإمامين الحسنين, بيروت
Print
جميع الحقوق محفوظة, قناة الإيمان الفضائية